الأربعاء، 24 ديسمبر 2008

امواج المشاعر

البحر كالحياة مليئ بالحركة ؛ امواجه تتلاطم احيانا ثم تتهادى احيانا. و لهذا احببته ؛ فكلما سرت بجانبه و نظرت اليه اشعر كأنما انظر الى حياتي. ارى في امواجه مشاعري متخبطة ؛ متلاطمة ؛ متهادية و لكنها في النهاية ضائعة تتكسر كلها على رمال الشاطئ فتضيع كأنما لم يكن لها وجود ؛ لا يراها احد او يشعر بوجودها.
انني دائما اتساءل ؛ ما هي الحكمة في ضياع الامواج!! ؛ لماذا تتكون اذا كان مقدر لها أن تضيع!!.
يجيبني البحر : هذا قدري ؛ فقد خلقني الله هكذا ؛ يسعد الناس لرؤيتي عندما تكون مشاعري متهادية و يرهبوني عندما تكون مشاعري غاضبة.
فاسأله : و لماذا تغضب مشاعرك؟
و يجيبني البحر بهدوء حزين : انها تغضب عندما يتعامل معها الناس كما لو انها لم تكن ؛ يدوسون عليها دون ان يلاحظوا انها تتألم من اقدامهم ؛ انهم يتعاملون معها بكل بقسوة لم يفكر احدهم ان يحنو عليها ؛ ان يلمسها بكفه و ان يشعرها بالدفئ و الحب ؛ لم يفهمها احد رغم انها تفهم كل من يقف امامها و تحنو عليه فتطبع على اصابعه قبلتها الحانية.فماذا تنتظر منها ؛ انها تغضب و تثور و تتخبط في محاولة يائسة منها ان تشعر الناس بوجودها.
اسأله : و هل يشعرون بها؟
يجيبني بسخرية: أقسم انه لو شعر الانسان بي و بأمواجي لاجتمعت الشمس و القمر معا في السماء و ما افترقوا ابدا.
اجيبه بسكون تام ؛ فيسألني : لماذا السكون؟
فأجيبه : ااكون مجنون لو قلت لك انني افكر في طريقة تجعل الناس تشعر بكل ما تفيض به من مشاعر!!
البحر يائسا : لا تتعب نفسك ؛ فأنت مثلي. و لكن ما اريد ان اعرفه ما الذي اتى بك الليلة؟ اجئت تسألني فقط عن مشاعري؟
اجيبه مبتسما : انت تعرف اني دائما على ميعاد مع قلبي هنا بجانبك.
يجيبني البحر و هو ليس سعيد : لا ؛ لا تقل انه سيأتي.
فاستعطفه : انت دائما غاضب على قلبي.
يجيبني بقسوة : نعم ؛ لأنه السبب في كل ما تشعر به من الم. انه السبب في كل جراحك ؛ هو من كان السبب في هروب الكثير من مشاعرك الجميلة. لقد حذرتك كثيرا منه ؛ انه يعطي مشاعرك لكل من يحب بدون حذر. بدون ان ينتظر ان يبادله القلب الآخر بعض من هذه المشاعر ؛ انه يحب فقط دون يفكر ما اذا كان سيُحَب.
استعطفه مرة اخرى : لا تظلمه.
البحر مستنكرا : كيف اكون ظالما ّ الا تذكر يوم احبها !!
جئت الي طائرا على جناح الهوى و جلست معي تحكي عنها حتى غلبت على الشمس حمرة الخجل التي لم يسبق لي ان رأيتها. و ماذا حدث بعدها ؛ هل احبتك كما تحبها !! هل اهتمت بمشاعرك و حافظت عليها؟ لا ؛ لقد عاملتها كما تعامل امواجي ؛ وضاعت مشاعرك. و تقول لي اني أظلمه.اجبته و انا احاول ان اتماسك ؛ فكلما اذكر هذه الأيام و كم كنت سعيدا و منطلقا ؛ كنت اتصور ان قلبي و قلبها سيترافقا الى الابد ؛ كلما اذكر هذا الاحساس تهتز اوصالي و ترتعد الكلمات على شفتي و لكني تماسكت و قلت للبحر انني و قلبي قد اتفقنا اننا أخطأنا عندما تركنا مشاعري تحيط بها تحافظ عليها و ان ما تبقى داخلي من مشاعر سوف نحتفظ به و لن نخرجه لها بعد الآن. و جلسنا معا انا و البحر ننتظر قلبي الذي لم يأتي حتى الآن.